قال أحمد بن سليمان: كنا يوما جلوسا عنده إذ جاءه غلام بدرهم ونصف فضة، باع له به زيتونا، فقال: الحمد لله، زيتوننا، وغلامنا، ودابتنا. ثم رمى بها وقال لنفسه: يا شقى! تدرى ممن باعها لك؟
قال ابن معتب: كان سحنون يتصدق على الرجل الواحد بالمال الذي تجب فيه الزكاة، الثلاثين دينارا أو أكثر.
قال عبد الله بن سعيد الصائغ: دفع سحنون يوما لرجل صرة دنانير وهو في بيته، ثم قال له: اذهب فأول من تلقاه فادفعها إليه، فجعل الرجل يتخلل الأزقة، إذا برجل عليه ثوب أبيض وتحته شيء يحمله، فدفع إليه الصرة، فلما أخذها ألقى الذي بيده. وقال: هي ميتة كانت حلا لنا فحرمت الآن علينا.
فكانت فراسة من سحنون.
قال حمديس: دخلت عليه يوما وهو يأكل خبزا يبله في الماء ويغطسه في الملح، فقال: أما إنى لم آكله زهادة في الدنيا، ولكن لئلا أحتاج إلى هؤلاء فأهون عليهم، ثم صاح بجارية، فأتت بصرة فيها عشرون دينارا، فقال: ادفعه لثلاثة رجال صالحين ممن يسكن عندكم، فإن لم تجد ثلاثة فإلى اثنين، فإن لم تجدهما فإلى واحد.
قال العنبرى: كانت غلة سحنون في زيتونه، خمسمائة دينار في السنة، فما تنقضى السنة إلا والديون عليه لكثرة صدقته ومعروفه.
[فصل في حكمه وكلامه]
كان سحنون يقول: ليس للأمور بصاحب، من لم ينظر لها في العواقب.
وكان يقول: ترك الحلال أفضل من جميع عبادة الله، وترك الحلال لله أفضل من أخذه وإنفاقه في طاعة الله.
وقال: ترك دانق مما حرم الله، أفضل من سبعين ألف حجة، تتبعها سبعون ألف عمرة مبرورة متقبلة، وأفضل من سبعين ألف فرس في سبيل