للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكان الأمين، وإذا في المكان حصير لطيف كان يفرش له [١]. فانتزعه ابن الحصار من تحته ورمى به [٢] وراءه، وقال له: دونك حصير الامين ياجاهل، فاما المكان فليس لك ولا له، ولم أحضركم إذ قسمتم المسجد فأخذ بحظي منه، فرفع الناس رؤوسهم، واستحيا الأمين، وأقبل يفند مؤذنه، فلما صلى جاء إلى الشيخ واعتذر له.

وكان له جار من النصارى من وجوه الخدمة يقضى حوائجه، ومتى مر بدار الشيخ وقف به، فيهش إليه الشيخ ويدعو له بأن يقول له: أبقاك الله وتولاك اقر الله عينيك، يسرني ما يسرك، جعل الله يومي قبل يومك. - لا يزيد على هؤلاء الكلمات، والنصرانى يتبلج [٣] لذلك. فعوتب الشيخ في ذلك، فقال: إنما هي معاريض عرف الله نيتي فيها، فأما قولي: أبقاك الله وتولاك، فأريد بقاءه لغرم الجزية، وأن يتولاه بعذابه؛ وقولى: أقر الله عينك، فإنى أريد قرار [٤] حركتها بشتر (٣٧١) يعرض لها، فلا تتحرك جفونها؛ وقولى: يسرني ما يسرك فالعافية تسرني وتسره. وأما: جعل [٥] الله يومي قبل يومك، فيوم دخولي الجنة قبل يوم دخوله النار.

وتوفي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

أبو عمر أحمد بن عيسى بن مكرم الغافقي (٣٧٢)

قرطبي.


[١] له، أ - ط م.
[٢] به. أ م له: ط.
[٣] يتبلج، أ م. يبتهج، ط.
[٤] قرار، أ م. اقرار: ط.
[٥] وأما جعل، أ م، وأما قولي، جعل، ط.