للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلدون في بعض كتبه فقال: كان إماما فاضلا، ولما نزل مصر، لازم بها أبا إسحاق بن شعبان، وأبا الذكر، وبعدهم النعالى، وغيرهم، مداومة على طلب العلم حتى أتته منيته؛ وقد سمع منه الناس بمصر وحدث عنه، وكان يحضر مجلس السبائي بالقيروان قبل خروجه [١]، فغاب عنه مرة فسأله أبو إسحاق عن ذلك، فقال: اغتيب بمجلسك رجل مسلم، فقال له أبو إسحاق: أنا تائب من ذلك، وذكر أنه جاء يوما لحضور بيع كتب - وفي المجلس جماعة من العلماء والصالحين، فلما رأوه، قاموا كلهم على أرجلهم تعظيما له، وكانت له هيبة لم تكن لأحد في وقته، فأعظم فعلهم في نفسه السكاكي [٢]، وعزم على اختباره، فألقى عليه مسألة من معاني القرآن، ففجر منه [٣] بحرا، فقال في نفسه: لو قام هؤلاء على رؤسهم [٤] لكان قليلا.

وتوفى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بمصر، وكان له إخوة صالحون: أبو علي حسن، من أهل العلم والرواية والفضل، وعبيد الله من أهل العبادة والاجتهاد والتلاوة، رافق أبا الحسن القابسي في طريق الحج من القلزم، قال [٥]: فكانت له كل يوم ختمة وربع.

[علي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي]

سكن مصر، وكان ينتحل مذهب مالك بن أنس ويقول بالاعتزال، وكان داعية في ذلك، وكتب إلى فقهاء القيروان رسالة معروفة يدعوهم فيها إلى الاعتزال والقول بالقدر والمخلوق، وغير ذلك من مذاهبهم، ويقول لهم إن هذا [٦] لهو مذهب


[١] قبل خروجه: أ ط - م.
[٢] السكاكي: أ ط - م
[٣] منه: أ ط. عنه: م.
[٤] قام هؤلاء على رؤسهم: أ. قاموا هؤلاء على رؤوسهم: ط. قام على رؤوسهم هؤلاء: م.
[٥] قال: أ ط - م
[٦] إن هذا … ويذم لهم: أ ط - م.