للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر عبادته وزهده وبعض أخباره وشمائله]

قال ابن حارث: ولما انصرف من رحلته لزم الانقباض، والنسك، فكانت تلك حاله إلى سنة قيام مخلد بن كيداد (٨٦٢) أبي يزيد على بنى عبيد، فخرج معه علماء القيروان، فكان ممن خرج، فمات بباب المردية.

قال المؤلف : يريد ابن الحارث بالمردية، المهدية، مناقضة لاسمها الذي سماها به بنو عبيد، إذ كانت عش * كفرهم، ودار ضلالهم، ووجدت أبا عمران الفقيه يكنى عنها بالمهدومة، تطيرا لها.

قال أبو الأزهر بن معتب: صحبته من سنة عشر، إلى أن توفى سنة ثلاث وثلاثين، وهو على حالته من الاجتهاد.

قال أبو بكر بن سعدون: صام أبو الفضل عندنا رمضان، فكان لا يتعشى حتى يصلى العشاء الأخيرة، يتنفل بين العشائين، وكنت أتعاهده بالليل، فأجده قائما يصلى، وكان لا يتوضأ إلا في البحر، ويبعد، وذلك أنه كان شديدا في وضوئه وطهارته.

ورأى بعضهم السبائى يتوضأ، فتعجب من وضوئه، فقال له: لا تعجب، لو رأيت وضوء أبي الفضل المسمى ما عجبت من وضوئي.

وأهدى له أبو الأزهر بن معتب بسوسة كعكا عمل بسكر، فرده وقال: أنا لا أكل سكر صقلية، لأنه من ضياع السلطان.

قال أبو الحسن بن الخلاف: لما جعل على الملح القبالة بالقيروان، أرسلنى أبو الفضل لأشترى له ملحا من فرن نقض، تحريا.

ووجهه مرة ليشترى له سلعة من السوق، فقال: لا تشترها من صاحب دكار، فيلزمنا الكراء بمقدار مقامها عنده، لكن اشترها في المناداة.


(٨٦٢) أ: كيداد - ط: كيراد - م: كنداد.