للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوى قلبي، أنه يدعو لي، وأنه رأى جامع مختصر المدونة الذي ألفته فأعجبه؛ وكان أبو محمد بن التبان يثني عليه، وكان مسرة بن مسلم [١] إذا ذكره يبكي بكاء عظيما ويقول: كان - والله - مقدما علينا في صغره وفي كبره.

قال أحمد بن حبيب: قال أبو القاسم اللبيدي: وكان من أهل العلم، قال لي أبو إسحاق: أتدرسون في هذا الوقت العلم؟ قال: نعم، قال: فتجتمعون للمذاكرة، قلت: نعم، قال: لقد كنا نجتمع، ولقد ألقينا المدونة في شهر ندرس [٢] النهار ونلقى الليل، فما علمت أنا نمنا ذلك الشهر؛ ثم قال لي [٣]: وإنما يقوى على السهر بأكل اللحم، ثم قال لي: أي كتاب في أيديكم تدرسونه، فقلت: العتق الأول، فألقى علي من أوله، وسرد المسائل حتى كأن الكتاب في يده؛ قال: وكان ينزع بالقرآن والسنة، وكان العلماء والفصحاء بين يديه كالغلمان بين يدي المعلم من هيبته.

ذكر زهده في الدنيا وسيرته في نفسه [٤] وولده وأهله

قال أبو الحسن القابسي: لما رأيت هديه وسمته وصلاته وحاله، رأيت شبيه السلف الصالح؛ وكان يقول: وقف أبو إسحاق على أقل عيش في الدنيا، وقال: أروني منزلة دونها أنزل إليها.

قال أبو القاسم: وكان أبو إسحاق من أشد الناس تضييقا [٥] على نفسه ثم على أهله، وكان يأكل البقل البري والجراد إذا وجده، ويطحن قوته بيده شعيرا ثم يجعله بنخالته دقيقا في قدر مع ما وجد [٦] من بقل بري أو غيره، حتى انه ربما رمى


[١] مسلم: أ. سالم: ط م.
[٢] (ندرس … الليل) أ ط - م.
[٣] لي: أ ط - م.
[٤] (في نفسه): ط م - أ.
[٥] تضييقا: أ ط، تضيقا: م.
[٦] مع ما وجد: ط. ما مع ما وجد: م. ما وجد - بإسقاط (مع): أ.