وكان أبو ميسرة قد أخذ محضرا عليه، فاجتمع بالسبائى أبي أسحاق (٨٧٠)، معرفة، فغضب واسترجع، وقال: هكذا يوفع الشيطان بين المؤمنين العداوة والبغضاء، والله لا رضيت بسماع هذا في أبي الفضل أبدا. أرجل نشأ على الطهارة وحفظ القرآن، ابن ثماني سنين، وحفظ الموطأ ابن خمس عشرة سنة، يقال هذا فيه؟
وخرج، فبهت أبو ميسرة، ولامه من حضره، ومن كان يغرى بينهما، وقال: إن ذكره أحد منكم بلفظة، إن دخل إلى .. :
وقطع المحضر، وقام إلى دار أبي الفضل فدخل عليه، وعانقه، وجلله، وصلح أمرهما.
* * *
[شرح مقتل الممسى وأصحابه]
كان أهل السنة بالقيروان، أيام بني عبيد في حالة شديدة من الاهتضام والتستر، كأنهم ذمة، تجرى عليهم في أكثر الأيام محن شديدة.
ولما أظهر بنو عبيد أمرهم، ونصبوا حسينا الأعمى السباب لعنه الله، في الأسواق، للسب بأسجاع لقنها، يتوصل منها إلى سب النبي ﷺ، في ألفاظ حفظها، كقوله لعنه الله:"العنوا الغار وما حوى، والكساء وما حوى" وغير ذلك، وعلقت رؤوس الحمر والكباش على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة، اشتد الأمر على أهل السنة، فمن تكلم أو تحرك قتل ومثل به، وذلك في أيام الثالث من بني عبيد، وهو إسماعيل الملقب بالمنصور، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
وكان في قبائل زنانة رجل منهم يكنى بأبي يزيد، ويعرف بالأعرج صاحب الحمار، اسمه مخلد بن كيداد من بنى يفرن، وكان يتحلى بنسك عظيم، ويلبس جبة صوف قصيرة الكمين، ويركب حمارا،
(٨٧٠) أ ط: بالسبائي أبي إسحاق - م: بالحبنياني أبي إسحاق.