للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأمير محمد: ركبت يومًا في حياة أبي، فلقيت يحيى بن يحيى، فراكبني، ثم ضرب على يدي، وقال لي: هذا الأمر صائر إليك، فاتق الله في عباد الله، فكانت في نفسي حتى صرت إليه، ووليت الأمر بعده.

[محنة يحيى بن يحيى رحمة الله عليه]

كان يحيى ممن اتهم بالاجلاب في الهيج بقرطبة على الأمير الحكم بن هشام، فلما أظفره الله بالقائمين عليه واستباحهم، ثم أجلى بقيتهم، كان ممن فر عنه عيسى بن دينار، ويحيى بن يحيى.

فذكر أن يحيى خرج مع أخيه فتح - وكان رأسا في أصل الخلاف - متنكرين على باب اليهود بقرطبة، يريدان الفرار، وقد أنذر الأمير أهل الأبواب أن يقتلوا كل من اجتاز بهم ممن ينكرونه، فعدل أخو يحيى إلى كبير أولئك البوابين لصداقة كانت بينه وبينه، وثق بها منه، ليودعه ويوصيه بمن يخلفه، وقد نهاه أخوه يحيى عن ذلك؛

فلما دنا منه كشف له عن وجهه، وطلب خلوته، فساعة وقعت عينه عليه قبض عليه وأمر بضرب عنقه، ويحيى ينظر بناحية، فتزايد ذعره وبالغ في تنكر نفسه؛

ونزل بقوم من مصمودة، قومه (٤٧١)، في طريقه، فراموا الفتك به، لأخذ ما كان على بطنه من المال، فأنذرته ابنة أحدهم بذلك فلما اجتمعوا معه للعشاء، قام كأنه يريد حاجة، وركب رمكة (٤٧٢) وجدها في الدار سائبة عريا، فنجا عليها.


(٤٧١) في نسخة ك: بياض مكان كلمة "قومه".
(٤٧٢) الرمكة: بفتح الراء والميم، الفرس أو البرذونة تتخذ للنسل.