اللون الذي لم يأمر به، فسأل الجارية فأخبرته، فلما نظر في الرقعة ووجده بخط الشافعي، أعتق الجارية فرحًا بذلك.
وألح عليه يوما أصحاب الحديث، فقال لهم: لا تكلفوني أن أقول لكم ما قال ابن سيرين لرجل ألح عليه: انك أن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك منى من خلق.
***
وروى أن الشافعى كان عطيرًا، وكان غلامه يأتيه كل يوم بغالية يمسح بها الأسطوانة التي كان يجلس إليها، وكان إلى جانبه رجل متزهد، فعمد إلى عذرة فجعلها في شارب نفسه، مضادة لما فعل، وكان يسميه البطال؛
فلما شم الشافعى الرائحة، قال: فتشوا نعالكم، ثم قال: ليشم بعضكم بعضا، فوجدوا ذلك بالرجل، فقال له الشافعي: ما حملك على ما فعلت؟
قال: رأيت تجبرك فأردت أن أتواضع الله؛
قال الشافعى: اذهبوا به إلى صاحب الشرطة يعقله حتى تنصرف؛ فلما خرج الشافعى أمر به فضربه ثلاثين درة، وقال له: هذا أراه لجهلك، ثم أربعين، وقال له: هذا لتخطيك المسجد بالعذرة.
[جمل من حكمه وآدابه]
قال الشافعي: من ولى القضاء ولم يفتقر فهو سارق، ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن تفقه عظمت قيمته، ومن حفظ الحديث قويت حجته، ومن حفظ العربية والشعر رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه العلم.
وقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من يطلبه الله بالقرآن، والنبي ﷺ بالسنة، والحفظة بما ينطق، والشيطان بالمعاصي،