للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب من أخبار مالك مع العلماء ومناظرته معهم]

قال القاضي رضى الله تعالى عنه:

قال عبد العزيز بن يحيى: لما قدم أمير المؤمنين المدينة ومعه أبو يوسف (٢٥٤) والبرمكى، وكان قاصدا لمالك يحب حطه ووضعه، فقال يحيى:

يا أمير المؤمنين! إن مالكا حمل الناس على رأيه، وأظهر الاستخفاف برأى أهل العراق، فلو جمعت بينه وبين أبي يوسف، فإن كان الحق بيده عرفت ذلك، وإن كان بيد غيره عرفت ذلك.

فوجه أمير المؤمنين إليه يقرئه السلام، ويأمره بالمسير إليه.

فكتب إليه مالك: إن كان أمير المؤمنين أراد أن يسألني عما أشكل عليه، فأرى أن يكتب إلى بذلك ليأتيه فيه الجواب، فإني ضعيف البدن لا تحملني رجلاي.

فقال له يحيى: يسمع الناس أنك وجهت إلى مالك فلم يأتك! فاكتب إليه بعزيمة. ففعل.

فجاءه مالك، فدخل عليه متوكئا على ثلاثة نفر من أصحابه: المغيرة المخزومي، وعبد الرحمن بن عبد الله العمري، وسعيد بن سليمان المساحقى العامري.


(٢٥٤) هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، القاضي، صاحب أبي حنيفة ، تولى القضاء لثلاثة من الخلفاء: المهدى وابنه الهادى ثم هارون الرشيد. وكان الرشيد يكرمه ويجله، وكان عنده حظيا مكينا. قالوا: ما كان في أصحاب أبي حنيفة مثل أبي يوسف، لولا أبو يوسف ما ذكر أبو حنيفة. وقد توفى القاضي أبو يوسف سنة ١٨٢ أو ١٩٢ على خلاف في ذلك. انظر ترجمته في الوفيات ج ٥ ص ٤٢١ - الترجمة ٧٩٥.