للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر أن بعض جيرة ابن حبيب، اشتكى إليه بأن بعض المتصرفين لبعض الوزراء، يؤذيه ويستطيل عليه، فأمر عبد الملك برصده، فجيء به إليه، فضرب بين يديه ضربا مبرحا، فشكا إلى صاحبه، فكتب إلى يحيى وذكر له ما صنع ابن حبيب بخاصته وحاشيته، وسأله تأييده عليه عند الأمير، فكتب إليه يحيى: ما كنا لنعينك على العلم وأهله، وأيم الله لأقلامنا أبعد من سهامكم، فانصرف عن رأيك، والسلام.

وذكر أنه لما أراد أن يرحل، سأل عيسى بن دينار أن يوصيه في مذهبه في رحلته، فقال له عيسى: إذا صحبت عالما فلا تظهر له ما عندك فيحرمك ما عنده (١٥٠).

* * *

ومن فتاويه، القصة المشهورة، وذلك أن المعروف بابن أخى عجب، كان قد تكلم بعبث من القول في يوم غيم، شهد به عليه، فأمر الأمير عبد الرحمان بحبسه، فكلمته عمة عجب في إطلاقه (١٥١) - وكانت مكينة عند الأمير في حظاياه - فقال لها: يكشف أهل العلم عما يجب عليه.

وأمر وإلى المدينة بإحضار الفقهاء، فيهم القاضي موسى بن زياد، وابن حبيب، وأصبغ بن خليل، وعبد الأعلى بن وهب، وأبو زيد بن إبراهيم، وأبان بن عيسى، فشاورهم، فتوقفوا كلهم عن سفك دمه، إلا ابن حبيب وأصبغ.

ورفعت فتاويهم إلى الأمير، فاستحسن قول عبد الملك وأصبغ، وخرج عليهم فتى يقول لصاحب المدينة: قد فهم الأمير ما أفتى به القوم في أمر هذا الفاسق، وهو يقول للقاضي: اذهب فقد عزلتك، وأما أنت يا فلان، فقد كان الشيخ يحيى يشهد عليك بالزندقة، ومن كانت هذه صفته فحرى ألا تسمع فتياه، وأما أنت يا فلان، فأردنا أن نوليك قضاء جيان فزعمت


(١٥٠) ط: فلا تظهر له ما عندك فيحرمك ما عنده - أ، ك، م: فلا تظهر له مع علمه علما فيحرمك ما عنده.
(١٥١) ط: فكلمته عمة عجب في إطلاقه - أ، ك، م: فأبرمته عمته عجب في إطلاقه.