للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي مريم: كان ابن حبيب عندنا نازلا بمصر، وما كنت رأيت أدوم منه على الكتاب، دخلت إليه في القائلة في شدة الحر، وهو جالس على سدة، وعليه طويلة، فقلت: قلنسوة في مثل هذا؟

فقال: هي تيجاننا.

فقلت: فما هذه الكتب؟ متى تقرأ هذه؟ (١٤٨)

فقال: ما أشتغل بقراءتها، قد أجازها لي صاحبها.

فخرجت من عنده، فأتيت أسدا، فقلت: أيها الشيخ! تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا!؟

فقال: أنا لا أرى القراءة، فكيف أجيز؟ إنما أخذ منى كتبى يكتب منها ليردها على (١٤٩).

قال خالد: إقرار أسد له بروايتها، ودفع كتبه لنسخها، هي الإجازة بعينها. وذكر عن يونس قال: أعطانا يونس كتبه عن ابن وهب، فقابلنا بها، فقلت: أصلحك الله! كيف نقول في هذا؟

قال: إن شئتم قولوا حدثنا، وإن شئتم قولوا أخبرنا.

قال القاضي أبو الفضل : وقد قال مالك لمن سأله عن الأحاديث التي كتبها من حديث ابن شهاب ليحيى بن سعيد الأنصارى - وقال له: أقرأها عليك؟ - فقال: كان أفقه من ذلك. أي أن مثل هذا يعني عن القراءة.

وقد بينا هذا الأصل في كتاب الإلماع إلى أصول الرواية وضروب السماع.

وحكى ابن الفرضى أنه ذكر أن ابن حبيب كان يأخذ بالرخصة في السماع، وأنه كان له جوار يسمعنه، وقد عرض له الغزال الشاعر بذلك، فيما آذاه به من شعره، وآذى به غيره من الفقهاء.


(١٤٨) ط: فقلت: فما هذه الكتب؟ متى تقرأ هذه؟ - أ، ك، م: فقلت فما هذا الكتاب؟ متى تقرأ هذا؟
(١٤٩) ط: ليردها علي - أ، ك م: ليس ذا علي.