للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كتاب المدنية (١١٨)، وهو الذي يدل عليه ثناء عبد الملك، إذ إنما يثنى على فقهه وتأليفه، لا سماعه.

وقال الشيرازى عنه: أنه صلى الصبح بوضوء العتمة أربعين سنة.

وشيعه ابن القاسم عند انصرافه عنه ثلاثة فراسخ، فعوتب في ذلك، فقال: تلومونني أن شيعت رجلا، لم يخلف بعده أفقه منه، ولا أورع.

ووصاه ابن القاسم عند ذلك، وقال له: عليك بأعظم مدائن الأندلس، فانزلها، ولا تنزل منزلا يضيع فيه ما حملت من العلم.

وقال ابن القاسم: أتانا عيسى، فسألنا سؤال عالم.

قال أصبغ بن خليل: وهو أول من أدخل الأندلس رأى ابن القاسم.

قال غيره: كان أكثر فقهه بالأندلس، قبل رحلته، على أخيه عبد الرحمان.

قال ابن الفرضى: وكان عيسى عابدا فاضلا ورعا، كانوا يرون أنه مستجاب الدعوة، وكان ينتجع بلده طليطلة، وبها توفى سنة اثنتى عشرة ومائتين، وقبره هناك مشهور.

قال غيره: توفى منصرفه عن طليطلة، وكان لحقته محنة الهيج، ومبتدأ فتنة الربض بقرطبة، ففر واستخفى، إلى أن أمنه الأمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمان بن معاوية.

وامتحن أيضا، أول وصوله من المشرق إلى بلده طليطلة، ومال الناس إليه، حتى شرق بمكانه القاضي والوالى، وكتبا إلى الأمير: عندنا رجل يعرف بابن دينار - ورفعوا عليه - فوجه الأمير فيه، وسجن بقرطبة نحو عام، إلى أن علم الأمير أنه عيسى، ومكانه من الناس، واختلاف أهل العلم إليه للسجن، فأطلقه وأحضره واعتذر إليه، فقال عيسى: هذا ذنب عجلت عقوبته لي، وأخبره بوصية ابن القاسم له، وتحذيره إياه من


(١١٨) أ، ط: من كتاب المدنية - م: من كتاب الهداية.