وذكر أنه لما مات من ضربه في السجن، توسوس سحنون، وحفظ عنه أنه كان يردد: ما أنا قتلته، الحق قتله.
ولو كان على ما ذهب إليه ابن طالب، لكان من أدى عنه كمال وهب له، يقضى به دينه، فلا يكون حكمه حكم العديم.
وقد جاء في كتاب سحنون إلى محمد بن زياد قاضي قرطبة، يأمره بالشد والمعاقبة لمن تفالس، وتكرار الأدب والضرب عليه حتى يؤدى أو يموت. قال له: وبذلك أخذت في ابن أبي الجواد، ضربته أربعا وعشرين ومائة درة، وأوقفته يوم الجمعة للناس في صحن الجامع، وسوف أضربه أبدا حتى يؤدى تحت الدرة أو يموت.
***
وقال ابن حارث: قيل لسحنون: هذا منصور دخل تونس بالحرائر، فركب وانتزع منه ما بيده. فدخل منصور على ابن الأغلب وقد شق ثوبه، وشكا إليه ما نزل به. فأرسل ابن الأغلب إلى سحنون، أن تصرفهم على منصور، مرة، وثانية، وثالثة.
فقال: لا أفعل.
وأقبل ابن الأغلب حتى دنا من موضع سحنون، وضربت له قبة نزل فيها، وقد استشاط غيظا لمصادمته إياه على منصور، ودعا فتى فقال له: اذهب إلى سحنون فقل له: اردد السبى على منصور، وإلا فائتنى برأسه.
فجاء الفتى إلى سحنون يبكى ويتضرع، ويقول له: أمرت فيك بعظيم!
فأخذ سحنون رقا، فكتب بعد الاسم: ﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (٨٧) الآية. ودفع الكتاب للفتى ثم قال: ادفعه لابن الأغلب.