متصل بالآخرة. أدبهم في معابشهم، ودفع ظالمهم عن مظلومهم، وأخذهم الأمور من وجوهها، أدب لآخرتهم، لأن بصلاح دنياهم تصلح لهم آخرتهم، وبفساد الدنيا تفسد الآخرة. وقد حدثني ابن وهب - ورفع سحنون سنده - أن النبي ﷺ قال: نعم المطية الدنيا فارتحلوها فانها تبلغكم الآخرة. ولن تبلغ الدنيا الآخرة من عمل في الدنيا بغير الواجب من حق الله. وأما قولك:"وليت أمر هذه الأمة" فإني لم أزل مبتلى، ينفذ قولى منذ أربعين سنة في أشعار المسلمين وأبشارهم. حدثني ابن وهب أن عبد الله بن أبي جعفر قال: لن تزالوا بخير ما تعلمتم، فإذا احتيج اليكم، فانظروا كيف تكونون. قال ابن أبي جعفر: فرأيت في المنام: إنما المفتى قاض، يجوز قوله في أبشار المسلمين وأموالهم. فعنيك بالدعاء، فألزم ذلك نفسك. والسلام.
***
قال سليمان بن عمران: لما ولى سحنون قال لي: إذا ولي القاضي استفتى: كيف يكتب كذا؟ فكتبت له ذلك. وكان سليمان يكتب لسحنون في قضائه، إلى أن ولاه بجاية وباجة والاريس، فلما مات سحنون ولى سليمان مكانه.
قال سليمان: قال لي سحنون، ابتليتنى، فوالله لأبتلينك. فولاني القضاء، وقال لي: عليك يا أبا الربيع بالحجازية، الحجازية.
فقلت: القاضي مفت، فما كنت أفتى به فيه أقضى. فسكت عنى.
وكان سليمان عراقى المذهب.
قال: فلما ولى سحنون سليمان القضاء، دخل عليه من الغد، فقال له سحنون: عزمت يا أبا الربيع؟
فقال له: ان قلت: (لا) كذبتك، أنا أريد.
فقال سحنون لمن عنده: انظروا إن كان دخله رياء أو أظهر