للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: أنا والله قلتها في طريقي إليك؛

فقال: قد عرفت فيها اللين حين أنشدتها؛

وأنشد له القاضي وكيع قصيدة كثيرة الحكم والوصايا أولها:

أمسى مشيبك في المفارق شائعا … ورددت من عهد الشباب ودائعا

وتركت وصل الغانيات وطالما … عاصيت فيهن العواذل طائعا

ولقد لبست من الشباب غضارة … ونضارة لو كان ذلك راجعا

أزمان تصغى للصبا وحديثه … سمعا يميل إلى الغواية سامعا

فدع الغواني والشباب وذكره … كم موضع في الغي أصبح نازعا

والله فاخش وخف ذنوبك عنده … يوم الحساب وكن لنفسك وازعا

لا تعط نفسك ما تريد ولا تكن … فيما يضرك إن دعيت مسارعا

لا تمس عبدًا للمطامع ولتكن … للفضل متبوعا ولا تك تابعا

كن للعشيرة في الأمور إذا غدت … كهفا وعنها في الأمور مدافعا

لا تحسدن نبيهها واخضع له … خير من أن تلفى لآخر خاضعا

سهل له فيما يريد طريقه … حتى يكون برفعه لك رافعا

فمتى ينل حظا يكن لك حظه … وتكون فيه مفارقا ومجامعا

فإذا نشا لك ناشيء فانهض به … وامنعه من ضيم يكن لك مانعا

حافظ عليه واتخذه عدة … سيفا إذا لاقى الكريهة قاطعا

أكثر صديقك ما استطعت فما به … ضر إذا ما لم يكن لك نافعا

داو العداوة من عدو بالتقى … واحذر عدوك دانيا أو شاسعا

وإذا دعاك إلى الرجوع مجاملا … فارجع له وليلف سربك واسعا

إلا الحسود فإن تلك عداوة … تبدى الرضى وتكون سما ناقعا

فاصبر عليه فليس فيه حيلة … ولتطلعن ظوالعا وطوالعا