فلما تقاضيته بعد أيام في ذلك، قال لى: يا أبا محمد نظرت في مقالتك، فوجدت اجابتي يوم أحبت الله وحده، فرجوت أن أوفق، واجابتى الآن انما تكون نقضًا على صاحبي، وأخاف أن لا أوفق في الآخرة فتركته.
***
قال يحيى: وكان طول ما يقرأ عليه رافعًا أصبعه، مبتهلا الى الله تعالى في التوفيق والسلامة.
قال: وتذاكرنا يومًا مع ابن القاسم هذا الأمر، فكلنا قال: الورع أشد ما في هذا الدين.
فقال ابن القاسم هو عندى كذا.
فقلت له: يا أبا عبد الله وكيف ذلك؟
فقال: انا أمرنا ونهينا، فمن فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه فذلك أورع الناس؛
فقيل له: يا أبا عبد الله، لقد خف عليك ما ثقل على غيرك، فأي شيء وجدت من هذا الأمر أثقل؟
فقال: ما وجدت شيئا أثقل على من مكابدة أجزاء الليل.
***
وحكى يحيى بن عمر عن بعضهم قال: شهدت العيد مع عبد الرحمان بن القاسم، فلما انصرفنا دخل ابن القاسم المسجد فصلى، ثم سجد فطول، حتى خفت أن يفوتنى الغداء مع أهلى، فدنوت منه فسمعته يقول: الاهى، انقلب عبيدك الى ما أعدوه لهذا اليوم، وانقلب عبد الرحمان اليك، يرجو