للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأطرق مالك ساعة، ثم رفع رأسه، فقال له هارون:

أجبه يا أبا عبد الله!

فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، نظرت مسألته في كتاب الله وسنة رسول الله ، وقول الصحابة والتابعين، فلم أجد أصل مسألته فيها، ولا خير في علم لا يكون فيما ذكرته.

فالتفت هارون إلى أبي يوسف وقال له: يا يعقوب! أن أبا عبد الله اجتث مسألتك من أصلها.

قال مصعب: فقال: يا أمير المؤمنين! ليس عنده في ذلك شيء، ولو كان لاجاب، وضحك.

فالتفت إليه مالك وقال: ساء ما أدبك أهلك، أتضحك في مجلس أمير المؤمنين؟

فخجل أبو يوسف.

ثم سأل أمير المؤمنين مالكا عن مسائل فأجابه فيها فسر بذلك، وكان في المجلس رجل يقال له سندل (٢٦٨)، فقال:

ان أبا عبد الله، مرة يخطئ، ومرة لا يصيب.

فقال مالك: كذا الناس.

فلما فكر في قوله، غضب غضبا شديدا، ثم قال:

يا أمير المؤمنين! قال الله تعالى: "ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" (٢٦٩) الآية، وما ظننت أن أحدا من المسلمين يذكر الله والرسول فلا يمرض قلبه خوفا لهما، قال الله: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة" (٢٧٠) الآية، فلا عرفتم حق عظمة الله، ولا عرفتم قدر رسوله ولا عرفتم حق مجلس أمير المؤمنين!


(٢٦٨) هو عمر بن قيس المكي أبو حفص سندل، قال عنه البخاري: منكر الحديث، انظر الخلاصة ص ٢٨٥.
(٢٦٩) الآية ١٥ من سورة الحديد.
(٢٧٠) الآية ٣٦ من سورة الأحزاب.