ثم قام مغضبا يقول: بليتم بالإسلام (٢٧١)، وبلى بكم أهل الإسلام، وخرج. فصعب ذلك على هارون وقال لأبي يوسف:
- قم فالحق بالشيخ، وأرضه.
فخرج فوجد مالكا قد جلس في حانوت صديق له سراج، يستريح فيه، وأبو يوسف على فرس محلى، بين يديه جماعة، فسلم عليه وقال:
- كيف ترانى يا أبا عبد الله؟
فنظر إليه مالك وقال: مثل قيصر في قومه.
فخجل ومضى.
- * -
قال أبو مصعب: قال أبو يوسف لمالك: تؤذنون بالترجيع، وليس عندكم عن النبي ﷺ فيه حديث.
فالتفت إليه مالك وقال: يا سبحان الله! ما رأيت أمرا أعجب من هذا، ينادى على رؤوس الأشهاد في كل يوم خمس مرات، يتوارثه الأبناء عن الآباء من لدن رسول الله ﷺ إلى زماننا هذا، يحتاج فيه إلى فلان عن فلان، هذا أصح عندنا من الحديث.
- * -
وسأله عن الصاع فقال: خمسة أرطال وثلث.
فقال: ومن أين قلتم ذلك؟
فقال مالك لبعض أصحابه: أحضروا ما عندكم من الصاع.
فأتى أهل المدينة، أو عامتهم، من المهاجرين والأنصار، وتحت كل واحد منهم صاع، فقال: هذا صاع ورثته عن أبي عن جدى صاحب رسول الله ﷺ.