للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للصلاة، فأشار عليه ألا يفعل وقال: هو إمام أخاف أن يكون منه شيء في الغفلة (٢٣٣) فيحكى عنه.

- * -

وقال ابن عبد الحكم: استأذن المهدى على مالك، فحبسه ساعة ثم أذن له، فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين! أن العيال سمعوا بمجيئك فأحبوا أن يصلحوا من منزلهم.

- * -

قال سعيد بن أبى زنبر (٢٣٤): كتب مالك إلى بعض الخلفاء كتابا يعظه فيه:

"أما بعد، فإني أكتب إليك كتابا لم آل فيه رشدا، ولم أدخر فيه نصحا، فيه تحميد الله تعالى، وأدب رسوله ، فتدبر ذلك بعقلك، وردد فيه بصرك، وأوعه سمعك، واعقله بعقلك، وأحضره فهمك، ولا تغيبن عنه ذهنك، فإن فيه الفضل في الدنيا وحسن ثواب الله تعالى في الآخرة، وذكر نفسك غمرات الموت وكربه وما هو نازل بك منه، وما أنت موقوف عليه بعد الموت من العرض على الله تعالى، ثم الحساب، ثم الخلود بعد الحساب، إما إلى الجنة وإما إلى النار، وأعد له ما تسهل به عليك أهوال تلك المشاهد وكربها فانك لو رأيت أهل سخط * الله تعالى، وما صاروا إليه من أنواع العذاب، وشدة نقمة الله، وسمعت زفيرهم في النار وشهيقهم مع كلوح وجوههم وطول عمهم، وتقلبهم في أدراكها على وجوههم، لا يسمعون ولا يبصرون، ويدعون بالثبور، وأعظم من ذلك عليهم حسرة إعراض الله تعالى عنهم بوجهه، وانقطاع رجائهم من روحه، وإجابته إياهم بعد طول الغم، أن "اخسأوا فيها ولا تكلمون" لم يتعاظمك شيء من الدنيا أردت به النجاة من ذلك، ولا أمنك من هوله، ولو قدمت في طلب النجاة جميع ما لأهل الدنيا كان ذلك صغيرا، ولو


(٢٣٣) ك: في الغفلة - ا: في القبلة.
(٢٣٤) ك: زنبر - ا: رمد - ط: "بياض".