للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: أمسكوا، فانه ملآن شياطين.

ثم نظر الى مزبلة بقربه، فقال: ضعوه على تلك المزبلة، فان المزبلة مأوى الشياطين، فهم أولى به.

ففعلوا، ومضى لسبيله، فأخذت الصبية عودها ومضت.

ومن أخباره في قضائه، أنه اختصم اليه رجلان توسم (٦٦٧) في أحدهما السلامة ولزوم الطريقة، وكان الآخر ممن يدلى * بحجته، فقال القاضى لذى السلامة: لو وكلت من يتكلم عنك، فانك لا تدرى ما تقول، وأرى صاحبك غواصا على الحجة.

فقال له: هل هو الا الحق أقوله كائنا ما كان فيه.

فقال: اللهم غفرا، ما أكثر من قتله الحق، وقد قال الأحنف: الصدق في بعض المواطن معجزة.

وأتاه رسول الحاجب موسى بن حديد يوما، فأقرأء سلامه وقال: يقول لك: قد عرفت محبتى لك، واعتنائى بأسبابك، وقد جرى على فلان ما علمت، وشهدت البينة العدلة، وتأنيت عن الحكم عليه.

فقال للرسول: تبلغ الحاجب سلامى، وتقول له محبتك كانت لوجه الله، وفلان وغيره فى الحق سواء، والله ما أحكم عليه حتى يتضح عندى أمره كاتضاح الشمس، فقد دخل على في أمره ارتياب، فانه لا يجيرنى منه أحد أن جاذبنى فى الخصومة بين يدى الله تعالى.

فنقل الرسول قوله للحاجب، فقال: لا نزال بخير ما كان هذا وشبهه بين أظهرنا.

وذكر أنه كان فى مجلس نظره، وقد غص بالفقهاء والعدول والخصوم، حتى دخل عليه المعتوه المعروف بابن شمس الضحى، وكان من ذوى البيوتات والثروة، فقال: يا قاضى المسلمين! أريد أن تأمر وكيلى فلانا يزرع لى بقريتي بنانيس (٦٦٨)، فتنبت لي خوابي، فأحصل على ربح.


(٦٦٧) اط: توسم -م: توهم.
(٦٦٨) ط م: بنانيس - ١: نبانيس. والبنانيس جمع بنيس، وهو جرة صغيرة ضيقة الفم.