للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- يه -

يجد؛ أنفق في ذلك أكثر ما ورثه عن أَبيه، وباع فيه رباعه بسبتة وأملاكَه، ومات مدينًا بخمسمائة دينار (٦٠).

أما صلة القاضي عياض بربّه في عبادته، فكان متين الدين، مجتهدًا، كثير الصوم، قوام الليل، تاليًا لجزء من كتاب الله ﷿ في الجزء الأخير من الليل، لم يتركه - ما قدَر على تلاوته - في أيّة حالَة، ملتزما لحدود الشريعة، سُنيًا في عقيدته شديدَ التمسُّك بها إلى حَد التعصب (٦١).

ولم يصرفه واجبُه الديني والاجتماعي عن الواجب العلمي المقدس؛ فكان دائمة الصِّلة بعلمِه، لا يفارق كُتُبَه، يقرأ، ويدرّس، وَيبحث ويؤلّف.

* * *

وتطوَّرت الأحداث، وأرغمته على أن يخوض غمارها، وكانت هناك مقرّرات سنية عَقَدِيةً لا سبيل إلى التخلى عنها، آمن بها أهلُ هذا المغرب، ومنهم علماؤُه الذين جاهدوا في سبيل المحافظة عليها بكلّ ما كان لديهم من الوسائل.

والعقيدةُ السُّنية تجيء في طليعة هذه المقررات، وهي تقرّر - فيما تُقرّر - أَن لا عِصمةَ لأحدٍ من الناس غير الأنبياء.


(٦٠) التعريف ١٢٨.
(٦١) شذرات الذهب ٤/ ١٣٩.