للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصرح بأن كلام هارون تصريح لمن أبصر، وتعريض عند من رق بصره. والتعريض كالتصريح يقتل بهما، وأن قوله في قصة أبي بكر وعمر، تجوير لله وتظلم منه، ثم احتج في هذا الفصل، وفي أن التصريح كالتعريض.

ثم قال: لو أن سلطانا قتله بقصة السلم، بشاهد واحد ما عنفته ولا خطأته، لتكذيبه الله إذ يقول: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (١٥٧) مع ما هو معروف به من الاستخفاف بالله والجرأة عليه.

ثم قال: فليعزم الأمير في أمره، وليعز الله عند خذل الجاهلين الذين لم يعرفوا حرمة الله والدين، وأطال من الطعن علي هؤلاء، وتحريض الأمير على الإضراب عنهم.

ثم قال: ولا يستشهدوا بحديث (١٥٨) (ادرأوا الحدود بالشبهات)، ونحوه، فإنهم لا يعرفون تأويله، فقد كان ربيعة يقول: إن ما ورد في الزنا، لما أراد الله من ستره، واستشهد بحديث عمر (١٥٩): (إنما جعل الله الأربعة سترا ستركم به من فواحشكم).

وقال بعضهم: تفسيره، ما لم يبلغ السلطان في زلة ذى الهيئة، لأن النبي قال: (إلا حدا من الحدود) وهذا حد. وهارون ليس من ذوى الهيئات.

وكثر من هذا، ثم قال: وإن لم يتبين للأمير قولى فليثخن ضربه، ويخلد سجنه، ويكتب إلى المشرق بمسألته.

ومر على نحو هذا من الطعن علي ابن حبيب وبيته.

وكتب في ذلك إبراهيم بن حسين بن عاصم، بقريب من جواب عبد الملك، من إسقاط الواجب عليه في قصة السلم، بكونه بشاهد واحد،


(١٥٧) الآية ٥٦ من سورة المائدة.
(١٥٨) ط: ولا يستشهدوا بحديث .. الخ - ك: ولا تشبهوا بحديث .. الخ. أ، م: ولا تشبهوا بحدود .... الخ.
(١٥٩) كلمة (عمر) ساقطة من نسخة ط، ثابتة في غيرها من النسخ.