للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لهم كلكم قد أصاب، وجميع ما قررتم أحسنه، والخبرة تكشف الخبرة، والامتحان يجلى عن الإنسان.

فلما حط رحله ولقى الناس، شاع خبره، فقصد إليه كل ذى علم يسأله عن فنه، وهو يجيبه جواب متحقق، فعجبوا من ثبوت علمه.

وقصدته طائفة من المتفقهة، وقد أعدوا له مسائل من الحج، لا يزالون يقتنصون بها متفقهة الأندلس، ففطن لمرادهم، وكان عهده بعيدا بمطالعة كتب الحج، فلما فاتحوه بها آخر مجلسهم، اعتذر بقيامه فيما لابد للغريب منه، ووعدهم لغد يومه، وأتى رحله، وسهر ليلته على مطالعة مسائل الحج، حتى أحكم النظر فيها، فلما كان من الغد تهافتوا على مطارحته صعابها، فأجابهم عنها جواب عالم. وذكر أنهم أخذوا عنه وعطلوا حلق علمائهم.

قال ابن وضاح: كنت عند الخزامى، فقيل له: ابن حبيب سمع التاريخ؟

فقال رحم الله أبا مروان (١٣٦)، فإنه وإنه - يثنى عليه.

ذكر ابن حارث أن ابن المواز أثنى عليه بالعلم والفقه.

وكان إبراهيم بن قاسم يقول: رحم الله عبد الملك، لقد كان ذابا عن قول مالك، وإن خالفه في البعض، ما نزع إلا إلى الحق، ولا أخذ إلا بالصواب.

وقال العتبى - وذكر الواضحة -: رحم الله عبد الملك، ما أعلم أحدا ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه، ولا لطالب أنفع من كتبه، ولا أحسن من اختياره.

وقال محمد بن أبي زيد، في صدر النوادر - وذكر اختيار سحنون وأصبغ وعيسى وابن عبدوس وابن سحنون وابن المواز - قال: وليس يبلغ ابن حبيب في اختياره وقدره رواياتهم (١٣٧) مبلغ من ذكرنا؟


(١٣٦) ط: رحم الله أبا مروان - أ: حفظ الله أبا مروان.
(١٣٧) أ، ك: رواياتهم - ط: روايته - م: روايتهم.