للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وعذلته على مآخذه (١٣٤) على قلة ماله، فقال لي: قيل لأبي حازم: ما مالك؟

قال: مالان. القناعة بما في يدى، واليأس مما في أيدى الناس. وأنا أقول: لي مالان، غنى في ظاهر أمرى، وقصد في خاصة نفسي.

قال غيره: أكثر فقهاء الأندلس وشعرائهم، فعن عبد الملك أخذ، ومن مجلسه نهض.

قال المغامى: لو رأيت ما كان على باب ابن حبيب، لازدريت غيره.

وذكر الزبيرى أنه نعى إلى سحنون، فاسترجع، وقال: مات عالم الأندلس، بل - والله - عالم الدنيا. وبهذا يرد ما روى عنه من خلاف هذا.

وذكره الشيرازي فقال: فقيه الأندلس.

وذكره أيضا ابن الفرضى في كتابه المؤلف في طبقات الأدباء، فجعله صدرا فيهم، وقال: كان قد جمع إلى إمامته في الفقه، التبحر في الأدب (١٣٥)، والتفنن فيه، وفى ضروب العلوم، وكان فقيها مفتيا نحويا لغويا نسابة أخباريا عروضيا فائقا شاعرا محسنا مرسلا حاذقا مؤلفا متقنا ذكر بعض المشيخة: أنه لما دنا من مصر في رحلته، أصاب جماعة من أهلها بارزين لتلقى الرفقة على عادتهم، فكلما أطل عليهم رجل له هيأة ومنظر، رجموا الظن فيه، وقضوا بفراستهم عليه، حتى رأوه، وكان ذا منظر جميل، فقال قوم: هذا فقيه، وقال آخرون: بل شاعر، وقال آخرون: طبيب، وقال آخرون: خطيب.

فلما كثر اختلافهم، تقدموا نحوه، وأخبروه باختلافهم فيه، وسألوه عما هو.


(١٣٤) أ، ط: وعذلته على مآخذه - ك: وعذلته على مأخذة - م: غير واضحة.
(١٣٥) ك، م: التبجح في الأدب. وكذلك في الديباج - أ: السمح في الأدب - ولعل الصواب ما أثبتناه: "التبحر في الأدب" وهو الذي يقتضيه السياق.