قال ابن حارث: رحل عيسى فأدرك أصحاب مالك متوافرين: ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، فسمع من ابن القاسم واقتصر عليه، واعتلت في الفقه طبقته، وكان من أهل الزهد الفائق، والدين الكامل.
قال: وأحواله في العلم البارع والفضل الكامل مشهورة، مع قوته في التفقه بمذهب مالك وأصحابه، فلقد كان ابن وضاح يقول: هو الذي علم أهل الأندلس الفقه.
وقال ابن وضاح: حضر عيسى ويحيى بن يحيى جنازة، فلما صلى عليها، أقبل الناس على عيسى وحفوا به، فقال له يحيى: ما أشك أن الذي ألقى الله لك في قلوب الناس، لخبيئة صالحة عند الله.
قال أصبغ بن خليل: كنا نقرأ على عيسى، فإذا مر بذكر الجنة والنار، لم ننتفع به يومنا.
وكان ذا هيئة حسنة، وعقل رصين، ومذهب جميل.
ولما أصلح سحنون على ابن القاسم كتب أسد، وكان عيسى قد أتى بها، وحضر سؤال أسد لها لابن القاسم، فكتب عيسى إلى ابن القاسم، في رجوعه عما رجع عنه من ذلك مما بلغه، وسأله إعلامه بذلك، فكتب إليه ابن القاسم: اعرضه على عقلك، فما رأيت حسنا فأمضه، وما أنكرته فدعه. وهذا يدل على ثقة ابن القاسم بفقهه.
وذكر ابن لبابة عن أبان بن عيسى: أن أباه أجمع في آخر عمره على ترك الفتيا بالرأى، والاعتماد على الأثر، فأعجلته المنية.
ولعيسى سماع من ابن القاسم، عشرون كتابا.
ولعيسى تأليف في الفقه، يسمى بكتاب الهدية (١١٩) كتب به إلى بعض الأمراء، عشرة أجزاء.
قال ابن عتاب: وكتاب الجدار من كتاب الهدية.
توفى سنة اثنتى عشرة، وأنجب أولادا فقهاء يأتى ذكرهم.
(١١٩) م: يسمى بكتاب الهدية - أ، ط: يسمى بكتاب المدنية.