للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أخذت لهم صلة، وإنى لأدخل عليهم فأكلمهم بالتشديد، وما عليه العمل وفيه النجاة، ثم أخرج عنهم فأحاسب نفسى فأجد على الدرك، مع ما ألقاهم به من الشدة والغلظة وكثرة مخالفتى لهواهم ووعظى لهم، فلوددت أني أنجو مما دخلت فيه كفافا.

وقيل له: أن يعقوب بن المضا لا يحبك.

فقال: الحمد لله الذي لم يجمع حبى، وبغض أبي بكر وعمر في قلب واحد.

قال سليمان بن سالم: رأيت سحنون إذا قرئ عليه كتاب الجهاد لابن وهب، وكتاب الزهد، يبكى حتى تسيل دموعه على لحيته.

قال مرة لرجل: اقرأ على: ﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ﴾ فقرأها، فلما بلغ ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾ (٩٢) قال: حسبك، وهو يبكى.

قال بعضهم: خرج سحنون، وابن رشيد، وابن الصمادحي، إلى المنستير، ومعهم ابن نعيم، قال: فنظرت إلى سحنون تسيل دموعه على لحيته، ثم سكت الفتى، فقال سحنون: "يرتجى أن يرفع صوته لو كان من يقول له" وأبى أن يقول له.

قال بعضهم: دخلت على سحنون، وفى عنقه تسبيح يسبح به.

قال حبيب: كان سحنون يتمثل بهذه الأبيات:

كل شيء قد أراه نكرا … غير ركز الرمح في ظل الفرس

وقيام في حناديس الدجى … حارسا للقوم في أقصى الحرس

وحكى الأبياني عن سحنون أنه قال في الحديث فيمن أخاف أهل المدينة، قال: ليس هم سكانها، بل من قال بقولهم، حيث كان.


(٩٢) الآيات ٤١ - ٤٢ - ٤٣ - ٤٤ من سورة غافر.