للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فارا، فكان عنده، فوجه في طلبه إلى هناك رجلا يقال له ابن سلطان، وكان مبغضا في سحنون فظا غليظا، اختاره لذلك في خيل وجهها معه، فلما وصل إلى سحنون، قال له ابن سلطان: وجهنى الأمير إليك، وقصدني لبغضى فيك لأبلغ منك، وقد حالت نيتى عن ذلك، وأنا أبذل دمى دون دمك، فاذهب حيث شئت من البلاد فأنا معك، أو أقم وأنا معك.

فشكره سحنون وقال: ما كنت أعرضك لهذا، بل أذهب معك.

وخرج، فشيعه أصحابه، فقال عبد الرحيم للرسول: قل للأمير: أوحشتنا من صاحبنا وأخينا في هذا الشهر العظيم - وكان شهر رمضان - سلبك الله ما أنت فيه، وأوحشك منه.

وفي رواية: عارضتنى في ضيفى، فوالله لأعرضنك على رب العالمين.

فلما وصل إلى الأمير، جمع له قواده، وقاضيه ابن أبي الجواد، وغيره، وسأله عن القرآن، فقال سحنون: أما شيء أبتديه من نفسي، فلا، ولكني سمعت من تعلمت منه وأخذت عنه، كلهم يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق.

فقال ابن أبي الجواد: كفر، فاقتله ودمه في عنقى.

وقال مثله غيره ممن يرى رأيه.

وقال بعضهم: يقطع أربعا، ويجعل كل ربع بموضع من المدينة، ويقال هذا جزاء من لم يقل بكذا.

فقال الأمير لداود بن حمزة: ما تقول أنت؟

قال: قتله بالسيف راحة، - ويقال قائل هذا هو على بن حميد والحضرمى ورجال السنة من أصحاب السلطان - ولكن قتل الحياة، نأخذ عليه الضمناء، وينادى عليه بسماط القيروان، لا يفتى ولا يسمع أحدا، ويلزم داره.

ففعل ذلك، وأخذ عليه عشرة حملاء.