للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم وجه ابنه محمدا بسجله مع الفتى إلى الأمير، وقال له: قل له: هذا سجلك، (وجعل الله فلانا شفيعك يوم القيامة، فوصل إليه وأبلغه ما قال، فقال محمد: هذا سجلك) (٨٨) بعثت به، لتولى أمور المسلمين من تراه.

فقال أبو العباس: اقرأ على أبيك السلام وقل له: جزاك الله عن نفسك وعنا وعن الإسلام خيرا، فقد أحسنت أولا وأخيرا، ونحن نرضى قائدنا من أموالنا، وامض على حسن نظرك.

فبلغ ذلك سحنون، واجتمع إليه وجوه الناس وأهل الخير، وشكروا فعله، فقال لهم: ان الله قد أحب الشكر من عباده، فتقدموا إلى باب الأمير واشكروه على تأييد الحق ففى ذلك صلاح الخاصة والعامة. ففعلوا ذلك.

***

قال سليمان بن عمران: ودخل سحنون على محمد بن الأغلب، يشكو إليه رفع الخصوم عن بابه إلى باب الطبني. شريكه في القضاء، وذلك أن ابن الأغلب، لما لم يمكنه عزل سحنون، لمكانه من قلوب الناس، وقصده من تحامل رجاله، وضيق عليهم، ولى الحكم معه الطبنى، رجلا جافيا جاهلا، مضادة لسحنون، فكان يرفع الخصوم عن بابه إلى الطبني.

فلما ذكر ذلك محمد بن الأغلب، قال محمد: ما عندى من هذا علم.

ثم التفت إلى بعض جلسائه فقال: أعندك من هذا علم؟

قال: لا.

فضرب سحنون بيده على لحية نفسه، وقال: يتلعب بي وأنا إمام في العلم منذ ستين سنة، وهذا يشهد لي، يريد ابن عمران.

فقلت: وما حاجتك إلى ذلك؟ أدركت الناس بمصر، وهم يتمنون أن لو كنت فيهم.


(٨٨) سقط من نسخة ط من قوله: "وجعل الله" إلى قوله هنا: "فقال محمد هذا سلجك".