قال فرات: قال سحنون: عندى ستة - أو أربعة - وأربعون كتابا من البيوع، منها كتابان أو ثلاثة أصلها أربع مسائل في الموطأ.
قال ابن وضاح: كان سحنون يروى تسعة وعشرين سماعا، وما رأيت في الفقه مثل سحنون، في المشرق.
قال سعيد بن الحارث: كان سحنون عاقلا بمرة، ورعا بمرة، عالما بمذاهب المدنيين بمرة، ولقد جالست الناس بهذا البلد منذ بلغت، ما رأيت أجود غريزة من سحنون.
***
قال محمد بن حارث: كانت أفريقية قبل رحلة سحنون قد غمرها مذهب مالك بن أنس، لأنه رحل منها أكثر من ثلاثين رجلا، كلهم لقى مالك بن أنس وسمع منه، وإن كان الفقه والفتيا إنما كانا في قليل منهم، كما ذلك في علماء البلاد، ثم قدم سحنون* بذلك المذهب، واجتمع له مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض، فبارك الله فيه للمسلمين، فمالت إليه الوجوه، وأحبته القلوب، وصار زمانه كأنه مبتدأ، قد امحى ما قبله، فكان أصحابه سرج أهل القيروان، فرأيته عالمها وأكثرهم تأليفا، وابن عبدوس فقيهها، وابن غانم عاقلها، وابن عمر حافظها، وجبلة زاهدها، وحمديس أصلبهم في السنة وأعداهم للبدعة، وسعيد بن الحداد لسانها وفصيحها، وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث، وأشدهم وقارا وتصاونا، كل هذه الصفات مقصورة على وقتهم.
***
قال محمد بن سحنون: قال لي أبى: إذا أردت الحج تقدم أطرابلس، وكان فيها رجال مدنيون، ومصر، وفيها الرواة، والمدينة، وفيها عشيرة مالك، ومكة، فاجتهد جهدك فإن قدمت على بلفظة خرجت من دماغ مالك، ليس عند شيخك أصلها، فاعلم أن شيخك كان مفرطا.