للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حثه ابن القاسم على أن يقيم عنده يطلب العلم، ويدع الخروج إلى الغزو، لما استفرس فيه.

وقال ابن القاسم لابن رشيد: قل لصاحبك - يعنى سحنون - يقعد، فالعلم أولى به من الجهاد وأكثر ثوابا*، ويعطى هذه الخيل التي قدم بها لمن هو في مثل حاله، يؤديها عنه، فما علينا قدم من أفريقية مثل سحنون، ولا ابن غانم!

قال حمديس: رأيت أبا مصعب بالمدينة وغيره، وبمصر أصحاب ابن القاسم، وبمكة علماء وعلماء من أهل بغداد، والله ما رأيت فيهم مثل سحنون، ولا رأيته بعده.

وقال عمرو بن يزيد (٧٦): أول ما تعلمت مسائل الصلاة من سحنون. وإن قلت: ان سحنون أفقه من أصحاب مالك كلهم، اني لصادق.

***

قال أبو العرب: وكل من لقيت من أصحاب سحنون الذين سمعوا منه، وسمعنا منهم، من مشاهير الفقهاء والشيوخ منهم يحيى بن عمر، وحبيب، وابن مسكين، وابن أبي سليمان، وابن سالم، وابن الحداد، وحمديس، وجبلة، وابن مغيث، وغيرهم، قال: ومنهم من سمع ممن هو أسن من سحنون، ولقى أصحاب مالك، وسفيان الثورى، ورأى الناس في الآفاق، كلهم يقولون: ما رأينا أحدا مثل سحنون في ورعه وفقهه وزهده.

وكان يزيد بن بشير (٧٧) يبجل سحنون ويعظمه، وقال: كنت بتونس، فبلغنى مقامه من الإسلام وبركته. ويقدم إلى الرجل من أصحابه فأعرف فيه الأدب، وربما قدم إلى الرجل من عند حرملة فأعرف فيه قلة الأدب، فأقول له: فهلا كنت مثل من يؤدبه سحنون (٧٨)؟


(٧٦) ك: عمرو بن يزيد - ا، ط: عمر بن يزيد.
(٧٧) ك: يزيد بن بشير - ا، ط: زيد بن بشير.
(٧٨) أ، ك: فهلا كنت مثل من يؤدبه سحنون - ط: فهلا كنت مثل من يرد من قبل سحنون.