للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولقد أتى رجل طار مجلسه لحاجة عنت له، فسأل عنه بعض من جلس إلى قربه، فأرشده إليه، فلما رآه في زيه ذلك وأثر الزينة في أطرافه من الخضاب وانكحل والسواد بمحياه، رابه أمره واتهم من أرشده، وقال: يا هؤلاء، رجل غريب سألكم عن قاضيكم فسخرتم بي، أسألكم عن قاض فتدلوني على زامر!

فأسكتوه، فقالوا: ما كذبناك. وزجر من كل ناحية.

فقال له ابن بشير: تقدم واذكر حاجتك،

ففعل الرجل، فوجد عنده فوق ما ظنه.

قال زونان (٤٠٣): عاتبت محمد بن بشير في إرساله للمته، ولبسه الخز والمعصفر؛

فقال: إني على بينة من أمرى، حدثني مالك أن محمد بن المكندر كان سيد القراء وكانت له لمة، وإن هشام بن عروة كان فقيه هذا البلد، يعني المدينة، وكان يلبس المعصفر، وأن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق كان يلبس الخز، فماذا يعيب من له بهؤلاء أسوة.

وكان محمد بن عيسى الأعشى يعرض بالقاضي محمد لزيه هذا، ويسميه في جميع ما ذكره: (معشر الدلال) اسم مخنث كان بالمدينة، حتى بلغ ذلك ابن بشير، فجمعه والأعشى مجلس أمكنه فيه القول، فانعطف إليه ابن بشير، وقال: يا أبا عبد الله، ان الشر لا يعجز عنه أحد، وإن الخير لا يناله إلا أهل الصبر الجميل، ومن يقوم على نفسه بالرياضة المحمودة، فأقصر عما بلغني عنك، فإنه أجمل بك؛

واستحياه وأقصر فيما بعد.


(٤٠٣) أ، ط، م: زونان - ك: زومان.