للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهد عنده رجل رافقه في الحج، له منه مكانة، فلم يقبل شهادته، فقال له الخصم: عرفنى بما لم تقبل، لأنظر في تعديله؛

فقال له: هو فلان صاحبي، ولن ينفعك تعديله عندى؛

فبلغ ذلك الرجل، فجاءه في مجلسه على رؤوس الناس، وسأله عن سبب ذلك، وقال له: جمعنى وإياك المنشأ والحضر (٤٠١)، وطلب العلم، وطريق الحج، وعلمت من باطنى ما علمت من باطنك، فعرفنى بالسبب أمام الناس لأعرفه وأعترف فيه أمام الجماعة؛

فقال ابن بشير: صدقت، وما عثرت لك في كل ذلك على جرحة في دينك، ولكن صدرنا عن الحج فنزلنا مصر، وأخذنا في السماع من شيوخنا والمقام بها، وشكوت لي العزبة (٤٠٢)، ونظرت في شراء خادم، فقلت لي: وجدت خادما تساوى على وجهها كذا وكذا، وبيدها صنعة؛ فقلت لك: لا حاجة لك بصناعتها، وإنما تشتريها للمتعة، فدعها فلا معنى للزيادة فيها؛

فعصيتني واشتريتها، فلما رأيت الشهوة قد غلبتك في إتلاف مالك في المغالاة فيها، خشيت أن تكون مثلها قادتك إلى مثل هذه الشهادة.

وشهد عنده صديق له يكنى بأبي اليسع، فرد شهادته، فعتبه في ذلك، وقال: على محبتى فيك وخاصتي بك!

فقال له: الورع يا أبا اليسع! الورع يا أبا اليسع! ولم يزده على ذلك.

وشهد عنده رجلان ممن يظن بهما خير لمملوك توفى مولاه، أنه


(٤٠١) ط: جمعى وإياك المنشأ والحضر - أ: (ضمنى وإياك المنشا والخظار) ك: (جمعنا وإياك المنشار والخضار) م: غير واضحة.
(٤٠٢) أ، ط، ك: العزبة - م: الغربة.