فعزل، فلما أراد رده اعتذر إليه بتلك الأيمان، فعزم الأمير عليه، وأعتق وطلق، وتصدق، وأخرج إليه الأمير جارية من جواريه، ومالا عوضا من ماله، ومماليك عوضا من مماليكه.
قال أبو عبد الملك بن عبد البر: كان محمد بن بشير قد اشترط على الأمير الحكم عندما تولى له القضاء ثلاثة شروط مضمونة، إن التزمتها لي تقدمت، وإلا فلا أقبل ألبتة؛
- نفاذ الحكم على كل أحد ما بينك وبين حارس السوق؛
- وإن ظهر لي من نفسى عجز استعفيتك، فأعفيتني؛
- وأن يكون رزقي من الفيء؛
فضمنها له؛
قال ابن حارث: وكان محمد بن بشير فيما قال لي عنه بعض العلماء أنه كان ربما قبل الشاهد عنده على التوسم والفراسة، ولربما عول على تزكية السر من أهل الثقة.
قال: وكان يقضى في سقيفة مغلقة بقبلى مسجد أبي عثمان بأول الربض الغربي، فكان إذا قعد للقضاء هنالك جلس وحده، وخريطته بين يديه، يتولى تقليبها بيده، ويتقدم إليه الخصوم على كتبه مرتبة (٣٩٨)، فيقف الخصمان على أقدامهما بين يديه، ويدليان بحججهما من غير صخب، فيفصل بينهما؛
وكان رسمه القعود للخصوم من غدوة إلى وقت الزوال، ثم يعود للقعود بعد صلاة الظهر إلى العصر، فلا ينظر غير السماع من البينات، ويقيد
(٣٩٨) أ، ك، م: ويتقدم إليه الخصوم على كتبه مرتبة - ط: ويتقدم الخصوم على مرتبة كتابه.