للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال ابن أبي حسان للعنبري: ما أنت وذا؟ هذا بحر عميق، عليك بكذا؛

فقال: إن كان معه أبو محمد، فهذا الأمير معي؛

فقال ابن أبي حسان: ما للملوك والكلام في الدين؟

فأحفظ ذلك الأغلب، ثم قال: من أتى السلطان فهو مثله؛

فقال ابن أبي حسان: إنما أتاكم الآتي لأنكم خير ممن هو أشر منكم، ولو أتى من هو خير منكم أتاه الناس ولم يأتوكم؛

وجاء رجل إلى ابن أبي حسان، فأعلمه أن داره تهدمت، وشاوره في بنيانها، ومن يبني عنده؛

فدفع ابن أبي حسان إليه ثلاثين دينارًا، وقال: استعن بها على بنيانك، فقال له بعض ولده: أتاك يشاورك فأعطيته!

قال لست ببناء، وإنما تعرض لمعروفي؛

ولما ثار الجند على زيادة الله، أغاروا على منازل ابن أبي حسان وانتهبوها، وطلبوه فاستخفى، وكان سيء الرأي فيهم، فقال شعرا منه:

أباح طغام الجند جهلا حريمنا … وشقوا عصا الإسلام من كل جانب

وعاثوا وثاروا في البلاد سفاهة … وظنوا بأن الله غير معاقب

وما عجب بغض الأعاجم ضلة … نزارًا وقحطان الكرام المناسب

ولكن من قوم إلينا اعتزاؤهم … فبغضاؤهم فينا لإحدى العجائب

ولما اشتد طلبهم له لجأ ابن أبي حسان إلى من بالسوس من قومه يحصب من جملة الجند الثائرين، ومت إليهم بالنسب واستجار بهم فأجاروه وأمنوه؛