وأجيبه، فلما قرب انصرافي كتب رقعة وختمها ودفعها إلى، وقال: قف بهذا إلى صاحب الديوان، وتعود إلى.
فأخذت الرقعة وحقرتها، ولقيت محمدًا من الغد فسألني، فأعلمته فقال لي: أوصل الساعة الرقعة، ففعلت، فدفع إلى صاحب الديوان عشرة آلاف درهم، فأعلمت محمد بن الحسن، فقال لي: إن عدت إلى القوم صرت لهم خادما، وفيما أخذت عون لك.
قال أسد: ورغب إلى محمد أن أزامله إلى مكة، فكأني كرهت هذا، فقال لي أصحابه: وددنا لو اشترينا هذا بعشرة آلاف درهم، فزاملته. فكنت أسأله عما أريد، وربما سألته وهو في الصلاة، فيجهر بالقراءة، يعلمني أنه يصلى، فأقول: تشتغل عنى بالصلاة وقد قطعت البلاد إليك؟ فيقطع ويجيبنى.
قال محمد بن حارث وأبو إسحاق الشيرازي، ويحيى بن إسحاق - وبعضهم يزيد على بعض -: رحل أسد إلى العراق فتفقه بأصحاب أبي حنيفة، ثم نعى مالك فارتجت العراق لموته. قال أسد: فوالله ما بالعراق حلقة إلا وذكر مالك فيها، كلهم يقول مالك، مالك، إنا لله وإنا إليه راجعون؛
قال أسد: فلما رأيت شدة وجدهم، واجتماعهم على ذلك ذكرته لمحمد بن الحسن، وهو المنظور فيهم، وقلت له لأختبره: ما كثرة ذكركم لمالك على أنه يخالفكم كثيرًا؟
فالتفت إلى وقال لي: اسكت، كان والله أمير المؤمنين في الآثار.
فندم أسد على ما فاته منه، وأجمع أمره على الانتقال إلى مذهبه فقدم مصر؛
ولم يذكر أبو إسحاق أسدًا فيمن أخذ عن مالك ولا أن له عنه سماعًا،