للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي أبو الفضل :

ثم جَمَعنا من أخبارهم وقصَصِهم، وفقَرٍ من سِير حُكامهم وقُضاتهم، ونوادر من فتاوي فقهائهم وأئمّتهم، ما يَحتاج الحُكّام إليه، ولا غِنَى بالعلماء عنه؛ وأثبتْنا من حكم حُكمائهم، ورقائق وعاظهم، ومَناهج صلحائهم وزهّادهم ما تُرجَى بركتُه، ولا تخيب - إن شاء الله تعلى - مَنفعتُه.

وقد قال سُفيان بنُ عيينة، : عند ذكر الصالحين تنزَّل الرحمة. وقال أبو حَنيفة: الحكاياتُ عن العلماء ومَحاسِنهم أحبُّ إلى من كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آدابُ القوم. وقال بعضُ المشايخ: الحكايات جُندٌ من جُنود الله يثبت بها قلوبَ أوليائه، قال: وشاهدُه قوله تعالى: "وكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ من أَنباء الرُّسُل ما نُثبتُ به فُؤَادَك". (١)

وذكرْنا من محن ممتحنيهم، وبلايا مبتليهم ما فيه مسلاة للممتحنين، وأدلة على ثَبات قدمهم في الصّالحين؛ قال النبي : "أشدهم، يعني الناس، بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل". (٢)

وإنّما يُبتلى المرءُ على قدر إيمانه؛ فإن كان إيمانه شديدًا كان البلاءُ عليه أشد، حتى إن العبد يمشي على الأرض، وما عليه خطيئة.

وقال: "إذا أحبَّ الله عبدًا ابتلاه ليسمع تضرُّعَهُ". (٣)

وذكرنا من بُلدانهم وأوطانهم ورحاليهم وقُطانهم؛ إذ كان ينبوع هذا المذهب بالمدينة، فيها تفجَّر، ومنْها انتشَر؛ فكانت المدينة [١] كلُّها على ذلك الرأي، وخرَج منها إلى جهاتٍ من الحجاز واليَمن، فانتشَر هناك [٢] بأبى


[١] فكانت المدينة: ب ت ك، وكانت المدينة: خ
[٢] فانتشر هناك: ب، فانتشر هنالك: ك ت خ.