للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عثمان بن الحداد: بلغني أن بهلولا كان ذات يوم جالسًا وعنده صاحبه رياح (١٤٣) بن يزيد الزاهد، إذ أقبل أخ للبهلول من البادية، فجعل يلهج بخبر المطر والزرع، وبهلول يتقلى (١٤٤) ويتلون اغتماما لرياح، لعلمه بكراهيته ذكر الدنيا وأسبابها، فلما أكثر أخوه من ذلك، نهض رياح وجعل يقول لبهلول: سقطت من عينى، تذكر الدنيا في مجلسك ولا تنكر ولا تغير؛

فقال له البهلول: إذا لم أسقط من عين الله فلا أبالى من عين من سقطت؛

فخر رياح على رأسه يقبله ويقول: نعم يا حبيبى يا بهلول! لا تبالي من عين من سقطت إذا لم تسقط من عين الله.

* * *

ودخل بهلول على ابن غانم القاضي، وقت المغرب في رمضان، فقرب الماء ليغسل من حضر، فغسلوا وغسل بهلول، ولم يأكل، فكلمه في ذلك ابن غانم القاضي. وقال: أنا سلطان؟ طعامى حرام؟ ألست بصائم؟

فجعل البهلول يعتذر إليه ويقول: طعام لا أجد في بيتى مثله، وإن تكلفته شق على، وأنا أكره أن أتكلف ما يشق على (١٤٥)؛

وابن غانم يبدى ويعيد كلامه الأول، والبهلول يعتذر ولا يزيد على قوله الأول، حتى فرغ القوم وخرجوا وخرج بهلول.

* * *


(١٤٣) أ، ط: رياح بن يزيد - م، ك: رباح بن يزيد.
(١٤٤) يتقلى، كذا في نسختى أ، ك - وفى نسخة ط: يثفل - وهي غير واضحة في نسخة: م.
(١٤٥) / وأنا أكره أن أتكلف ما يشق على / ساقط من نسختي م، ط ثابت في غيرهما.