ولم يزل ابن غانم على القضاء الى أن توفي، فكانت ولايته نحوا من تسعة عشر عامًا.
***
وكان ابن غانم يوجه أبا عثمان هذا بمسائله، أيام قضائه، الى مالك، فيما ينزل به من نوازل الخصوم، فيأخذ له عليها الأجوبة. وكان يكتب الى ابن كنانة. فيأخذ له الأجوبة (١٢٠) من مالك، وكان يكتب أيضًا الى أبي يوسف.
قال السورى: ولم يزل الأمر يتراقى بابن غانم في الرفعة والسمو في أحكامه وأموره، فكان من اكرام الخليفة له، اذا كتب كتابًا لابراهيم ابن الأغلب، يقول له فيه: وأنا لا أفك لك كتابا حتى يكون مع كتابك الى كتاب ابن غانم. فكان ابراهيم أكثر الناس مداراة وتعظيمًا له.
***
وكان ابن غانم يلبس من الثياب أرفعها، ويجعل لخصومات النساء يومًا يجلس فيه للنظر بينهن، ويلبس يومئذ الفرو الخشن، وخلق الثياب، وينظر ببصره الى الأرض، فلا يشك من لا يعرفه أنه أعمى، ويزيل الحجاب والكتاب عنه؛
وكان له حظ من صلاة الليل، فاذا قضاها، وجلس في التشهد آخرها، عرض كل خصم يريد أن يحكم له على ربه، يقول في مناجاته: يا رب فلان نازع فلانا. وادعى عليه بكذا، فأنكر دعواه، فسألته البينة فأتى
(١٢٠) وكان يكتب الى ابن كنانة فيأخذ له الأجوبة ساقط من نسخة ط، ثابت في النسخ الأخرى.