للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن هذا يتعنتك فلا تجبه، وأمير المؤمنين لا يكره ذلك.

فلما انصرفنا عاد أبو يوسف، فلم يجبه مالك وقال إنما حسبته مسترشدا، وأظنه إنما يسأل معنتا فلا أجيبه.

- * -

قال بعضهم: سأل أبو يوسف الرشيد، أن يأمر مالكا يناظره، فقال: ناظره يا أبا عبد الله.

فقال مالك: إن العلم ليس كالتحريش بين البهائم والديكة.

فلم يفهم هارون عنه، وجعل يقول: ناظره. ومالك ساكت.

فقال عبد الملك بن الماجشون: أن شيخنا يا أمير المؤمنين قد جل عن المناظرة والكلام، ونحن تلاميذه نقوم مقامه، فنحن نناظره، ونتكلم عنه، فإن رأى خطأ لم يسكت عليه.

فقال هارون: ذلك.

فلما تناظرا، ذكر أبو يوسف صداق المرأة وقال: لها أن تصنع به ما شاءت، إن شاءت رمت به وجاءته في قميص، وإن شاءت جعلته في خيط الدوامة (٢٦٢).

فقال مالك: لو أن أمير المؤمنين خطب امرأة من أهله، وأصدقها مائة ألف درهم، فجاءته في قميص، لم يحكم لها بذلك، ولكن يأمرها أن تتجهز وتتهيأ له بما يشبهه، مما يتجهز به النساء.

فقال هارون: أصبت.

- * -

قال: وأخذ الحديث إلى أن قال أبو يوسف:

أجرى النبي من الغاية.


(٢٦٢) ك، م: الدوامة بضم الدال، وهي لعبة من خشب يلف الصبي عليها خيطا، ثم ينقضه بسرعة، فتدور على الأرض - وفى نسخة أ: الدؤابة.