للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكان رجل قرشى ينتقص مالكا ويقول: بأي شيء هو أكبر منا؟ فلما قدم هارون وجلس الناس، قالوا له:

هذا هارون، ومالك يدخل، وأنت تدخل فافعل ما يفعل، وأرسلوا معه من ينظر ثم، فتقدم مالك وسلم فقال:

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، عمك مالك بن أنس أين يجلس؟

قال: هاهنا يجلس.

وأقبل الرجل خلفه فقبل يد هارون.

فقال هارون لمالك: أن رأيت أن تأتى ولدك فتحدثهم، يعنى أبناء هارون.

قال: فما رد عليه مالك شيئا حتى خلا من عنده، فتحول إليه فقال: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تكون أول من أجرى على يديك ذل العلم.

قال: وما ذاك؟

قال: أدركت أهل العلم يؤتون ولا يأتون.

فقال له: أصبت، بل يأتونك.

وخرج مالك فقال هارون:

هذا الذي تلومونني فيه، ما رأيت رجلا أعقل منه، قلت له آنفا، فلم يرد على شيئا كراهية أن يخرج منه (٢٦) شيء في ذلك الجمع، فلما خلوت خرج لي عما في نفسه، مروا له بكذا وكذا جائزة.

فكانوا بعد يقولون للقرشى: كيف ترى؟ فيقول: ذلك رجل معصوم.

قال مطرف: دخل مالك على هارون في بعض حجاته (٢٧)، فقال له هارون: أريد أن تأتينى تقرأ على كتبك (٢٨).


(٢٦) أ: منه - ك: منى.
(٢٧) أ: حجاتة - ك: حاجته.
(٢٨) ا: تقرأ على كتبك - ك: فتقرأ على كتابك.