للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعلها، ولم يجرد سيفًا، ولا أخاف سبيلا؛ أنه ممن قال فيه : أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم؛ فخرج أمر السلطان بصلب ابن المنذر، فنفذ ذلك في الحين: وانقبض ابن المكوي في داره، وادعى مرضًا نحوا من شهرين، ولم يفت أحدًا، ولا خرج لمن أتاه؛ - إنكارًا لما جرى على صاحبهم ابن منذر، وإن لم يؤخذ فيه برأيه، وتوقعًا لشر ابن أبي عامر، إلى أن تقدم العهد، وخشى زيادة وحشة ابن أبي عامر، فعاد لحاله.

ومن غرائب ذكائه وتلطفه، أن بعض الحكام وجه إليه امرأة معها بنية تطلب فرضها من أبيها، والرجل ينكر أن تكون ابنته؛ فلم يزل به يعظه ويخوفه ويستلطفه، ولا نفعته [١] رقاه فيه ولا ألوته - وكانت عادته الصبر في مثل هذا، إلى أن أخذ أبو عمر الطفلة وكانت حسنة الصورة، عليها فروة جديدة؛ فأجلسها في حجره، وجعل يمسح عليها، ويثني على حسنها. ويترصد غفلة الرجل: - إلى أن رآه مطرقًا غافلا، وقال: حتى فروها مشاكل لها، أحسن في شرائه، أخلف الله له؛ ثم قال له - مستعجلا -: بكم بالله اشتريته؟ فقال من غير روية: بعشرة درهم، فقال أحسنت ما شئت؛ قم فافرض على بنتك، فأقل ما يلزمك كذا، فخجل الرجل وأذعن.


[١] نفعته: أ، تنفعه: ط ن.