للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرج فأذن فإذا به جاهل، فتغير لقوله وقال له: لم تر في المجلس أنحس مني. فتبسم القاضي واستغفر الله وخرج فأذن، ورجع فصلى بالناس، ثم قال للرجل، قد أنحس منك، فلا تعد إلى مثل قولك، ولكن [١] قل: لا أحسن تاب الله علينا وعليك.

حكى القاضي يونس بن مغيث، أن القاضي ابن السليم خرج يوما، فأصابه مطر اضطره إلى أن دخل بدا بته في اصطوان دار رجل يعرف بالسبائي (٣٤١) من أهل المشرق - ساكنا بقرطبة، فوافقه فيه ورحب به، وسأله النزول عنده، فنزل وأدخله منزله، وتفاوضا، ثم قال له عندي جارية بديعة [٢] لم يسمع بأطيب [٣] من صوتها، فإن أحببت [٤] أسمعتك عشرا من كتاب الله وأبياتا، فقال: نعم فأمرها فقرأت، ثم أنشدت، فاستحسن ذلك ابن السليم، وأخرج دنانير كانت في كمه [٥]. فجعلها تحت الفراش الذي كان عليه من حيث لم يره فلما ارتفع المطر ركب وودعه وقال: قد تركت شيئا هو للجارية، وأقسم لسيدها ليفعلن، وكانت عشرين مثقالا ذهبا.

قال القاضي ابن مفرج: لما قدم المستنصر ابن السليم قاضيه إلى الصلاة والخطبة، وكان ذلك ليلة الفطر، كتب إلى جماعة من ثقات إخوانه يسألهم أن يصبحوا إليه، فأتيناه فقال، أريد أن تحفوا بي وتشهدوا خطبتي لتصدقونى عن


[١] ولكن، أم، والا، ط.
[٢] بديعة، أ. حذقة: ط. عريقة: م
[٣] بأطيب، ط م أطيب: أ.
[٤] أحببت، أ. أذنت، ط م.
[٥] في كمه أ م. عنده، ط.