للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألفى الحجرين مسندين إليه، فبقى مفكرا، ومضى [١] إلى المسجد مشغول البال، إلى أن دخلت عليه، غدوة فما هو إلا أن رآني، اهتدى إلى وجه القصة، فقر بني وقال لي: أنت صاحبهما؟ فقلت له: هما الحجران اللذان دفعت إلي، رفعتهما عندي حتى كبرا، وصرفتهما لك - إذ كبرت، حالك،! فبكى وقال: هو حقك والبادى أظلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون [٢] على عظيم منشبنا وخسران صفقتنا.

قال ابن الهندي: كان ابن السليم شديد المحبة لبنيه والإشفاق عليهم وكان يوصي [٣] مؤدبهم أن لا يضربهم، فقال له مؤدبهم يوما: كيف يتعلمون بلا ضرب، فقال له: الرحمان علم القرآن، أوصى مؤدبي أبي [٤] أن لا يضربني، فما ضربني قط غير مرة واحدة، فلذلك لم أتعلم.

قال ابن الهندي، قال لي [٥] ابن السليم: رأيت ثلاث رؤى، استدللت من اثنين منها على أني ألي القضاء، وبالأخرى [٦] على أني ألي الصلاة، قلت له: كم كان بين رؤياك الأولى وولايتك القضاء؟ قال، ثلاثون سنة.

ودخل ابن السليم يوما على الخليفة الحكم - وهو ينظر في كتاب فيه من صعاب مسائل الفرائض، فألقى عليه منها أول مسألة، فأجابه كأنه يقرأها معه في الكتاب - إلى أن أتى على آخرها، فأعجب به وقال: أنت من الراسخين في العلم!

وكان ابن السليم حسن الخلق حليما، حضر يوما مسجدا بأطراف قرطبة لانتظار جنازة، فحان [٧] وقت العصر. فلم يؤذن هناك، فقال لرجل من العامة: يا هذا


[١] فمضى، أ. ومضى: ط م.
[٢] وأنا إليه راجعون، ط م - أ.
[٣] يوصي، أ م، أوصى، ط.
[٤] أبى: أم - ط.
[٥] لي، أ م - ط روى، أ. مرائي، ط. مرات: م.
[٦] وبالأخرى، أم، والأخرى، ط.
[٧] فحان، ط م، فجاز. أ