للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسوق [١] إلى الصلاة عليها خلفه، فرفع الأمر إلى سلطان الشيعة معد، وقيل له: انك تطاع [٢] فأمر بالبرد فخرجوا فيه، فسمع وزراؤه بذلك، فأتوه حفاة مشاة يقولون: إنا نخشى الهلاك، ما ظنك برجل مجاب الدعوة، منقطع عن الدنيا؛ فرد البرد، وأرسل شيخا من كتامة [٣] في زي ناسك ليختبر له أحواله، فاختفى الشيخ الكتامي [٤] خلف حصير في المسجد حتى جاء أبو إسحاق فأذن للمغرب، وأقام [٥] وصلى؛ فخرج الكتامي من وراء الحصير، فقال [٦] له: يا منافق على مولانا لا تؤذن حي على خير العمل، ولا تقرأ بسم الله الرحمان الرحيم، ولا تسلم على ناحيتين، ما لمولانا عدو مثلك؛ فدعا عليه فقال: اللهم اجعله آية للعالمين، فطارت عيناه جميعا، فأخرج من المسجد ينادي وهو يقول: الموت الموت مع هذا الشيخ لا تقربوه، وانصرف إلى معد، فارتاع وقال لوزرائه: كيف ترون لو بدرتنا فيه بادرة، وكان لما صلى على هذه الجنازة، وقف به [٧] رجل، فقال: يا أبا إسحاق، الوقت لا يحتمل، فقال له: انا لم نبلغ درجة الصديقين حتى نقتل على الحق، فقال له: يا أبا إسحاق، عندى دعاء الخليل حين ألقي في النار، ودعاء يونس حين التقمه الحوت، فقال له الشيخ: يا مسكين، إن كنت تدعو بدعاء الأنبياء، وتفعل فعل الفراعنة فمن تخادع؟

وصلى مرة على جنازة امرأة، فجيء بجنازة كتامي كبير - ومعه خلق منهم، فقالوا: الصلاة على هذا الشهيد، فلم يرد عليهم، فلما فرغ من دفن المرأة انصرف وتركهم وقوفا بتابوتهم، فافترق أصحابه ومن معه من حوله - خوفا أن يضعوا فيهم أيديهم، فلما ذهبوا بجنازتهم، أدركنا الشيخ، فقلنا له: الوقت كما علمت، وهؤلاء


[١] بالسوق: أ ط. في السوق: م.
[٢] انك تطاع: أ ط. انه مطاع: م.
[٣] كتامة: أ ط. كتابه: م.
[٤] الكتامي: أ ط. الكتابي: م.
[٥] وأقام: أ ط. فاقام: م.
[٦] فقال: أ ط. وقال: م.
[٧] وقف به: أ ط. فقر به: م.