للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو القاسم: وكان أبو إسحاق حسن الضبط في نقله وتصحيحه للكتب [١]، إذا سمع من عالم لم يكتب اسمه في كتاب [٢]، وكان ممن سمع واستكتب؛ وكان حافظا إذا حفظ شيئا قلما ينساه، وكان درس محل الفقه دواوين، وكتب بيده كتبا كثيرة، وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء، عالما بعبارة الرؤيا ولا يفتى فيها، ويعرف حظا من اللغة والعربية، حسن القراءة للقرآن يحسن تفسيره وإعرابه وناسخه ومنسوخه، لم يترك حظه من دراسة العلم بالليل إلا عند ضعفه قبل موته بقليل، وكان لما ضعف بصره عن قراءة الليل، يجعل ابنه أبا الطاهر يقرأ عليه.

قال أبو القاسم: وكان لا يفتى إلا أن يسمع من يتكلم بما لا يجوز فيرد عليه، أو يرى [٣] من يخطئ في صلاته فيرد عليه، ولقد وقف على مسائل أفتى فيها جلة العلماء، فقال لهم: عاودوا المفتي [٤]، فما أراه أجاب إلا عن شغل قلب [٥]، فعاودوه، فأجاب [٦] بخلاف الجواب الأول؛ وكان يقرأ، فلما ضعف، جعل ابنه يقرأ عليه، فإذا حضر أحد من العامة، قطع القراءة حذرا عليهم أن يسمعوا ما لا يفهمون، إلا أن يكون كتاب فقه؛ وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به؛ وكان أبو محمد بن أبي زيد يعظم من شأنه ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت، ويقول: لئن لم يكن أمر أويس القرني صحيحا، فالجبنياني أويس هذه الأمة؛ ويقول: لو فاخرتنا [٧] بنو إسرائيل بعبادها، لفاخرناهم بالجبنياني؛ ويقول: من محبتي فيه وكثرة [٨] ذكرى له، أني أراه في المنام، ولقد


[١] للكتب: أ ط، الكتب: م.
[٢] كتاب: أ ط، كتابه: م.
[٣] أو يرى، فيرد عليه: أ م - ط.
[٤] المفتي: ط. المعنى: أ. الفتيا: م.
[٥] قلب: ط م - أ.
[٦] فعاوده فأجاب: أ ط. فعاودوا فأجاب: م.
[٧] فاخرتنا: أ. فاخرنا: ط م.
[٨] وكثرة: أ - ط م.