للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما لف في أكفانه. قال أبو محمد بن أبي زيد: أن أبا سعيد ليس يلقى الله بمثل درة من رياء.

ولما ورد دراس بن إسماعيل أبو ميمونة القيروان، وعجب الناس [١] من حفظه، بلغ أبا سعيد تقصيره بعلماء القيروان، وإضافته قلة الحفظ إليهم، فقال لأصحابه: اعملوا على أن تجمعوا بيني وبينه، لئلا يقول: دخلت القيروان ولم أر بها عالما، فما زالوا به حتى أتوا به إلى أبي سعيد في مسجده، فسلم عليه، فألقى أبو ميمونة عليه نحوا من أربعين مسألة من المستخرجة والواضحة، فأجابه عنها أبو سعيد، ثم ألقى عليه أبو سعيد عشر مسائل من ديوان أحمد بن سحنون، فأخطأ فيها أبو ميمونة [٢] كلها، فعطف عليه أبو سعيد وقال له: لا تغفل عن الدراسة، فإني أراك فهما [٣]، فإن واظبت كنت شيئا، فلما قام أبو ميمونة يخرج، لم يعرف الباب من الحيرة.

وناظره بعض العراقيين فقال لهم [٤]: أنتم تقولون: من سب عائشة قتل، والله يقول: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ (٢٥٦) الآية، والرسول إنما جلد أصحاب عائشة، فلم تأخذوا بالقرآن ولا بالسنة، فقال له أبو سعيد: قال الله: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ (٢٥٧). فضرب قبل البراءة بها في القرآن، وبعد القرآن من سبها، فقد رد القرآن، ومن رد حرفا منه، فقد كفر بإجماع.

وذكر أنه كان يمشي مع أحد طلبته في فحوص صبرة، فحضرتهم الصلاة،


[١] الناس: م - أ ط.
[٢] أبو ميمونة عليه: أ م - ط.
[٣] أراك فهما: أ ط. أرى لك فهما: م.
[٤] لهم: ط م - أ.