للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال ابن أبى عيسى لفرط [١] زكنه [٢]: أنا أقول لكم:

أما أنا فقاض أو كاتب قاض.

وأما أنت يا أبا عمرو، فلا تنفك من ((نا)) و ((أنا)) [٣]- بقية عمرك.

وأما أنت يا أبا عبد الله، فأراك تثير بالأندلس فتنة تبقى آخر الدهر. أو كما قال، فصدقت فراسته في ثلاثتهم كما ذكر.

قال ابن الفرضي، وكان حافظا للرأي، معتنيا [٤] بالآثار، جامعا للسنن، متصرفا في علم الادب [٥] والاعراب ومعاني الشعر، شاعرا مطبوعا.

وشاوره أحمد بن بقى، ثم استقضاه الناصر ببجانة وطليطلة وجيان، وصرفه في غير امانة، فاستضلع بما استكفى، وكان آخر ما ولاه قضاء البيرة، وقلده مع القضاء امانة الكور، والنظر على عمالها، فكانوا لا يقدمون ولا يؤخرون إلا عن أمره، ولا يظلم أحد في جانب من جوانب الكور إلا نصره وقام [٦] معه، ثم نقله عنها، فولاه قضاء الجماعة بقرطبة في ذي الحجة سنة ست وعشرين وثلاثمائة، وأقر محمد بن أيمن على الصلاة إلى أن ضعف ابن أيمن فاستعفى فأعفاه، وجمعهما لابن أبي عيسى، فتولاهما إلى أن مات.

قال ابن حارث في كتاب القضاة، ولم يزل محمد بن أبي عيسى [٧] في حداثة سنه مشهور الفضل، ظاهر السؤدد، طالبا للعلم، مجمع على تفضيله، ولقد جالسته غير ما مرة فرأيته محمود التصرف جميل المذهب، كريم الأخلاق.


[١] لفرط، ط م، بفرط، أ.
[٢] زكنه، أ ط، ركنه، م. أنا: م - أ ط.
[٣] من (نا) و (انا)، ط م، من (تا) و (ارتا)، أ.
[٤] معنيا. أ. معتنيا: ط، ضمينا: م.
[٥] الادب: ط - أ م.
[٦] وقام: أ ط. وأقام: م.
[٧] بن أبي عيسى: أ ط، بن عيسى - باسقاط (أبى): م.