للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال فعزمت على عمله وبيعه، وزيادة ما عجز عن من عندي، فنهاني أخي ربيع عن ذلك، وهزني * الأعوان في الثمن، وهو ينهاني، حتى ضجرت وكابرته، فقال لى: يا بغيض: انه يزول عنك ويرجع إلى صاحبه.

فاني لجالس، إذا رسول من الوالى، فقال لى: اصرف القطن الذي طرحته عليك.

فصرفته، ومحى اسمي.

وكان أخوه سعيد قد ركب في مركب إلى مصر، فانفتح، وفرغ بعض شحنته، وضعفت قلوب من فيه، وأرادوا ترك الكراء لصاحبه والخروج منه، إذ ورد عليهم كتاب ربيع إلى أخيه: بلغني ضعفه قلوبكم، وإرادة بعضكم الخروج، فلا تخرجوا، فإن المركب يصل سالما بكل ما فيه.

فقويت قلوبهم، وقال صاحب المركب: سلم والله مركبي، فإن ربيعا لم يتكلم بهذا الأمر إلا عن صحة.

فوصل المركب سالما.

وكان يتكلم على الأحوال. قال بعضهم: كثيرا ما كنت أغشى مجلس ربيع، أريد سؤاله عن أشياء تختلج في صدري، فأنصرف بعلم ما أردت منه، دون مسألة، ولقد خطر ببالي يوما من بعض كرامات الصالحين ما هالني و استعظمته، فنظر إلي وقال: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ (٨٩١).

وقال مكى بن يوسف - وكان مختصا به - عنه، قال: كنت أمشى وحدي في خلاء الأرض، وبين يدي جبل، فوقع في قلبي شيء من القرب إلى الله تعالى، فخشيت أن تكون نفسي سخرت بي، وأنه ليس من قبل الحق، فقلت: اللهم إن كان هذا شيئا من قبلك، فأرني برهانه، لئلا أشك فيه، لتطمئن إليه نفسي.


(٨٩١) الآية ٧٣ من سورة هود.