للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان منهم أبو محمد بن التبان، وابن أبي زيد، وغيرهم، وكانوا ربما جعلوا الكتب في أوساطهم، حتى تبتل بأعراقهم، فأقاموا على ذلك إلى أن توفى .

وكان قد امتحن أيضا على يد التاهرتى، طلبه بوديعة، فقال له: لا أعرف ما تقول، ولا أودعنى هذا الرجل شيئا، ولا أعرف من هو، ولا رأيت هذا العدد قط إلا على مائدة صيرفي.

فدعا أعوانه، فأخذوه وبطحوه على وجهه، وجلس أحدهم على أكتافه، والآخر على رجليه، وضربوه ثلاث عصى.

فقال: اصبر أكلمك.

فقال: دعوه، فما رق قلبى لأحد رقته عليك، قد عفوت عنك.

قال ابن إدريس: لما امتحن أبو بكر على يد التاهرتى، وضربت اليته، قال: تضرب اليتى! والله ما عصت الله تعالى قط.

وتوفى في منتصف صفر، يوم السبت، سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، قبل دخول أبي يزيد القيروان بخمسة أيام، وأظهر أهل القيروان بسبب قرب أبى يزيد منهم، عند موته، الترحم على أبى بكر وعمر، ولعنوا من لا يترحم على أصحاب النبي ، وهدموا بيوت المتغلبين.

وكان فلج في آخر عمره، ورثاه أبو محمد بن أبي يزيد بقصيدة طويلة أولها:

يا من لمستعذب في ليله حزنا … مستوطن من بقايا دائه وطنا

يا عين وابكى لمن في فقده فقدت … جوامع العلم والخيرات إذ دفنا

لهفي على ميت ماتت به سبل … الخيرات قد كان أحى الدين وألسننا