للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو محمد بن أبي زيد (٣٧٠): كان عالما زاهدا، ولم يذكر ابن حارث أن له سماعا من سحنون، وحكى عنه قال: أول ما طلبت العلم اختلفت إلى محمد بن سحنون وكتبت كتبه، وأخذت في الدرس، فكنت أسأله عن المسائل مما ألف في كتبه، فربما أجابني فيها من نظره بغير الذي في كتبه، فأقول له: في كتابك كذا، وكلامك أحسن مما في كتابك.

فكنت إذا سألته بعد ذلك لا يجيبنى، ويقول إذا سألته: ارجع إلى كتبك وانظر فيها.

فلما رأيت ذلك، انحرفت إلى عبد الله بن سهل القبرياني، فكنت معه أياما حتى خرج إلى قضاء قسطلية، فملت إلى محمد بن عبدوس، فما مرت لي معه إلا أشهر يسيرة، حتى فقت جميع أصحابه في الفقه.

وحكى أن إبراهيم بن الأغلب طلبه لقضاء سوسة، فقال له: سألتك بالله أيها الأمير، لا تعر القضاء بي، لأني عبد رومي أعور غرابلي، مولى امرأة، وهذا هجنة عليك.

فقال له: والله لولا أنى أعرك بالقضاء، وأخشى دعاءك، لوليتك.

قال ابن حارث: كان فقيه البدن، عالما محررا فاضلا عابدا جليلا متواضعا حسن الأخلاق، وغلب عليه الزهد والعبادة، وانقبض عن التصدى للفتيا.

وقد ذكر أنه كان يعمل الغرابيل، ويعيش منها وكان قليل ذات اليد.

وذكر أنه دخل على ابن بسطام بسوسة، يعوده مع جملة عواده، فلم يره ابن بسطام، فجلس آخر المجلس، وكانت في خلق ابن * بسطام زعارة، فجعل يقول رأيتم هذا العبد السوء - يعنى أبا الغصن - كيف لم يعدني في مرضى:


(٣٧٠) اط: قال أبو محمد بن أبي زيد - م: قال محمد بن أبي زكرياء.